كَيفَ السَبيلُ إِلى طَيفٍ يُزاوِرُهُ
وَالنَومُ في جُملَةِ الأَحبابِ هاجِرُهُ
الحُبُّ آمِرُهُ وَالصَونُ زاجِرُهُ
وَالصَبرُ أَوَّلُ ماتَأتي أَواخِرُهُ
أَنا الَّذي إِن صَبا أَو شَفَّهُ غَزَلٌ
فَلِلعَفافِ وَلِلتَقوى مَآزِرُهُ
وَأَشرَفُ الناسِ أَهلُ الحُبِّ مَنزِلَةٍ
وَأَشرَفُ الحُبِّ ماعَفَّت سَرائِرُهُ
ما بالُ لَيلِيَ لا تَسري كَواكِبُهُ
وَطَيفُ عَزَّةَ لا يَعتادُ زائِرُهُ
مَن لا يَنامُ فَلا صَبرٌ يُؤازِرُهُ
وَلا خَيالٌ عَلى شَحطٍ يُزاوِرُهُ
ياساهِراً لَعِبَت أَيدي الفِراقِ بِهِ
فَالصَبرُ خاذِلُهُ وَالدَمعُ ناصِرُهُ
إِنَّ الحَبيبَ الَّذي هامَ الفُؤادُ بِهِ
يَنامُ عَن طولِ لَيلٍ أَنتَ ساهِرُهُ
ما أَنسَ لا أَنسَ يَومَ البَينِ مَوقِفَنا
وَالشَوقُ يَنهى البُكى عَنّي وَيَأمُرُهُ
وَقَولَها وَدُموعُ العَينِ واكِفَةٌ
هَذا الفِراقُ الَّذي كُنّا نُحاذِرُهُ
هَل أَنتِ يارِفقَةَ العُشّاقِ مُخبِرَتي
عَنِ الخَليطِ الَّذي زُمَّت أَباعِرُهُ
وَهَل رَأَيتِ أَمامَ الحَيِّ جارِيَةً
كَالجُؤذَرِ الفَردِ تَقفوهُ جَآذِرُهُ
وَأَنتَ يا راكِباً يُزجي مَطِيَّتُهُ
يَستَطرِقُ الحَيَّ لَيلاً أَو يُباكِرُهُ
إِذا وَصَلتَ فَعَرِّض بي وَقُل لَهُمُ
هَل واعِدُ الوَعدِ يَومَ البَينِ ذاكِرُهُ
ما أَعجَبَ الحُبَّ يُمسي طَوعَ جارِيَةٍ
في الحَيِّ مَن عَجَزَت عَنهُ مَساعِرُهُ
وَيَتَّقي الحَيَّ مِن جاءٍ وَغادِيَةٍ
كَيفَ الوُصولُ إِذا مانامَ سامِرُهُ
يا أَيُّها العاذِلُ الراجي إِنابَتَهُ
وَالحُبُّ قَد نَشِبَت فيهِ أَظافِرُهُ
لاتُشعِلَنَّ فَما يَدري بِحُرقَتِهِ
أَأَنتَ عاذِلُهُ أَم أَنتَ عاذِرُهُ
وَراحِلٍ أَوحَشَ الدُنيا بِرِحلَتِهِ
وَإِن غَداً مَعَهُ قَلبي يُسايِرُهُ
هَل أَنتَ مُبلِغُهُ عَنّي بِأَنَّ لَهُ
وُدّاً تَمَكَّنَ في قَلبي يُجاوِرُهُ
وَأَنَّني مَن صَفَت مِنهُ سَرائِرُهُ
وَصَحَّ باطِنُهُ مِنهُ وَظاهِرُهُ
أبو فراس الحمداني
|